-->
U3F1ZWV6ZTk3MjM4ODc4MDVfQWN0aXZhdGlvbjExMDE1ODIzNTYyNw==
recent
أخبار ساخنة

الملك منتو حتب الثاني

الملك منتو حتب الثاني

.......................
 إن كان الملك مينا وحد القطرين، فالملك منتو حتب أعاد توحيدهما ،

هذا الملك الذي أكثرنا لا يعرفه ، لا يقل عظمة عن الملك مينا ،

فهو واحد من الملوك الذين قدسوا من قبل شعب مصر على مر العصور،

فهو صاحب بصمة خالدة في حياة مصر القديمة،

لذلك ما كان التاريخ و ما كنا لنجحد فضله.

و سنستعرض معا عبقرية هذا الرجل في توحيد قطري مصر و دوره في تاريخها المجيد،

و لكن قبل ذلك يجب أن نتعرف بإيجاز على أوضاع مصر قبل عهده في

عصر سمي اصطلاحا بعصر الانتقال الأول.

*أوضاع مصر أبان عصر الانتقال الأول:

كان للسياسة المعمارية التي اتبعها ملوك الدولة القديمة أثر سلبي على اقتصاد مصر ،

فكثرة بناء الأهرامات أدى انهيار خزانة الدولة ، فقد كان كل ملك يبني له هرما

بالإضافة إلى ملحقات هذا الهرم،

وليس هذا فقط بل أن بعضهم كان يبني أهرمات لزوجاتهم،

فأدى ذلك إلى صرف أموال طائلة ،

و إن كانت خزانة الدولة القديمة قادرة في بداية عهدها على أن تشيد كل هذه

الأهرامات فلم يكن في مقدورها هذا في آخره ،

و رغم ذلك فقد استمر الملوك في بناء الأهرامات مما أرهق الاقتصاد المصري،

و زاد على ذلك صرف الملوك للهبات و العطايا للصرف منها على المقابر

الملكية مما دفعهم إلى وقف الكثير من الأراضي الزراعية على ذلك.

و كان من جراء سياسة ملوك النصف الثاني من الدولة القديمة من تقوية

نفوذ حكام الأقاليم و كبار الموظفين أن وصلوا إلى مراكز هامة

و قوى نفوذ حكام الأقاليم حتى استقلوا بأقاليمهم ،

و أصبحت ضرائب الإقليم تصب في خزائنهم و ليس في خزائن الدولة ،

بل صار بعضهم يؤرخ بسني توليته حكم الإقليم و ليسبحكم الملك و استأثروا بكافة السلطات

التنفيذية و القضائية و العسكرية .

و بالطبع دفع الشعب ثمن تلك الأوضاع _كالعادة طبعا ماهو مفيش غيره_

فتدهورت أحواله الاقتصادية و الاجتماعية،

حتى رفعوا أصواتهم يقولون " نحن جوعا " _ و لان مافيش حد سأل فيهم _

فهاجموا مخازن الدولة و نهبوا مقابر ملوكهم ،

وظلوا على هذا الحال ما بين ثورة و هدوء قرابة قرن و نصف من الزمان فيما يعرف

بعصر الثورة الاجتماعية .

و في ظل هذه الفوضى بدأت التحالفات بين الأقاليم

بمحاولة كل حاكم جمع الأحلاف إلى جانبه ،

و بدأ نوع من أنواع الصراع الإقليمي مشكلا ما يعرف بالأسرات من 7 إلى 9 ،

و انتهى الأمر بصراع مباشر بين الإقليم الطيبي الذي سيطر على جنوب مصر ،

و إقليم اهناسيا الذي حكم جزء كبير من البلاد فيما يعرف بالأسرة العاشرة ،

و قد انتهى هذا الصراع بانتصار البيت الطيبي

و تأسيس الأسرة الحادية عشر على يد منتو حتب .

و لا ندري كيف انتصرت طيبة فقد كانت اقل من اهناسيا في مواردها الاقتصادية

و عدد سكانها ، و يفترض بعض المؤرخين انه ربما حدث الانتصار لطيبة بسبب تخاذل

حلفاء اهناسيا الذين لم يكونوا من من يحسن لاعتماد عليهم .

*الملك منتو حتب و صراعه مع اهناسيا :

كان منتو حتب أقوى و أهم ملوك البيت الطيبي ،

و كان ينسب إلى الجد الأكبر لهذا البيت "انتف" و الذي كان مقدسا من قبل أحفاده ،

و في صراعه ضد البيت الاهناسي _ بالمناسبة اهناسيا دي جنوب الفيوم حاليا _

لم يكتفي باسترجاع الأقاليم التي كانت في حوزة طيبة وسلبت منه

مثل أبيدوس _سوهاج حاليا _ بل اندفع نحو الشمال حتى سقطت اهناسيا نفسها ،

و كان ذلك في العام التاسع من حكمه و كان بذلك أول ملكا من طيبة يصبح فعلا ملكا على

مصر العليا و السفلى ،

لذلك يرى بعض المؤرخين اعتبار من سبقه من ملوك و التسع أعوام الأولى من حكمه

معاصرة للأسرة العاشرة في اهناسيا و أن الأسرة الحادية عشر تبدأ من هذا التاريخ .

*عبقرية الملك منتو حتب في إعادة الوحدة للبلاد:

و لم تكن مهمة قاصرة على إخضاع الاهناسيين ،

إذ وجد نفسه مضطرا لمحاربة البدو في الشرق و الغرب ،

و إخضاع منطقة جنوب أسوان ،

كما عمل على أن يستشعر حكام الأقاليم قوته،

حتى لا يخرجون عن طوعه و إن أبقى لهم على سلطانهم على أقاليمهم،

و هنا يمكننا أن نرى مدى عبقريته،

و لكن مع الأسف الكثيرين يقولون أين العبقرية من ذلك،

أن نظرنا للأمر عن كثب سنرى تلك العبقرية بوضوح،تعالوا نرجع للذاكرة لعدة سطور سابقة،

عندما قلنا " أن حكام الأقاليم انفردوا بحكم أقاليمهم و كانت الأموال تصب في خزائنهم دون

خزانة الدولة و كان ذلك قرابة قرن و نصف من الزمان " _ تذكرتم _.

و معنى هذا أنهم صاروا قوة مالية لا تقهر ،

فإن كان قد سحب منهم سلطاتهم دفعة واحدة لكانوا ثاروا عليه و استطاعوا قهره ،

ولكنه آثر أن يستولى على ما بين أيديهم من سلطات الواحدة تلو الأخرى ،

وقد اتبع الملوك من بعده نفس السياسة حتى صار حكام الأقاليم لا يملكون أي سلطة

في عهد الملك "سنوسرت الثالث" .

*أسماء الملك و ألقابه:

كان منتو حتب قبل توحيده للبلاد يحمل لقب " نب_حج "

أي " سيد التاج الأبيض " إشارة إلى سلطانه على مصر العليا .

و منذ العام التاسع من حكمه حمل لقب " سما_تاوي " أي " موحد القطرين "

إشارة إلى الحدث الكبير الذي تم في عهده .

أما عن اسم " منتو_حتب " فهو يعني " الإله منتو راضي " ،

و الإله " منتو " هو اله الحرب ، و بالطبع هذا إشارة إلى جهوده الحربية .

*النشاط المعماري في عهد الملك منتو حتب:

تميز عهد منتو حتب بنشاط واضح في العمارة في مصر العليا،

حيث شيد معبدا للإلهة "ساتت" جزيرة الفنتين في أسوان،

حيث مقر عبادتها ، كما عثر على آثار له في الكاب و الجبلين و الطود و غيرها من

المناطق .
و في بناءه لمقبرته نشهد قمة العبقرية في توطيد حكمه،

حيث انه لم يشيد مقبرته على طراز من سبقوه، حيث كانت طرز بناء مقابر الدولة القديمة

سببا رئيسيا في تدهور أحوال البلاد الاقتصادية،

حيث كانت مقابرهم مكونة من:

-معبد الوادي: بالقرب من وادي النيل حيث يودع الشعب مليكه الراحل.

-الطريق الصاعد: و الذي يصل بين معبد الوادي و المعبد الجنائزي.

-المعبد الجنائزي: حيث يتم تحنيط جثة الملك و تتم طقوس وشعائر الدفن، من ترانيم و تعاويذ

و تلاوة لكتاب الموتى.

-الهرم: و الذي هو عبارة عن المثوى الأخير للملك.

و ليتجنب ذلك و في نفس الوقت يبني مقبرة تليق بعظمته،

قرر الجمع بين المقبرة و المعبد في مسطح واحد،

فأختار لنفسه مكانا حصينا بالدير البحري في الضفة الغربية للأقصر إلى الجنوب من معبد

الملكة حتشبسوت، و هو المعبد الذي تأثر مهندسوه أثناء إعداد تصميمه بعمارة معبد الملك

منتو حتب.

أقام مهندسو الملك معبده على مرتفع تتصدره مجموعة من الأعمدة،

و شيدوا فوق هذا المرتفع هرما تحيط بيه الأعمدة،

و كان يؤدي إلى المعبد طريق طويل أقاموا على جانبيه تماثيل للملك منتو حتب على هيئة

الإله "أوزير".

و قد حكم هذا الملك العظيم أثنى عشر عاما،

و عندما مات الملك منتو حتب كانت مصر تنعم بالاستقرار الداخلي،

و كانت الفنون في عهده قد خطت خطوات واسعة،

بعد أن كانت قد تعثرت بل توقفت خلال عصر الانتقال الأول،

و أخذت طيبة تعد نفسها للدور الكبير الذي قدر لها أن تلعبه في عصر الدولة الحديثة،

كعاصمة للإمبراطورية المصرية.

و قد حكم بعده بعض الملوك أهمهم منتو حتب الرابع و بنهاية حكمه،

انتهت الأسرة الحادية عشر تلك التي أسسها هذا العظيم،

لتبدأ أسرة جديدة على رأسها ملك يحمل اسم أمنمحات .
الاسمبريد إلكترونيرسالة